فصل: في استبراء المغتصبة والمكاتبة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


ما جاء في الرجل يغيب ثم يقدم من سفره وقد ولدت امرأته ولدا ويكون الرجل غائبا فيقدم من سفره

قلت‏:‏ أرأيت إذا قدم رجل من سفره فولدت امرأته ولدا فلاعنها ثم ولدت بعد ذلك بشهر أو أقل ولدا آخر أيلتعن له أيضا أم لا‏؟‏ يلتعن‏؟‏

قال‏:‏ يجزئه اللعان الاول ولم أسمعه من مالك‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ لأنه حين التعن بالولد الأول فقد التعن وقطع عن نفسه كل ولديكون من هذا الحمل‏.‏

قلت‏:‏ فإن ادعى الولد الثاني‏؟‏

قال‏:‏ يلحق به الولد الأول والآخر ويجلد الحد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان ولدت امرأته ولدا فمات ولم يعلم الرجل بذلك أو كان غائبا فلما قدم انتفى منه أيلاعن والولد ميت أم لا‏؟‏ قال‏:‏ يلاعن لأنه قاذف‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو ولدته ميتا فنفاه أيلتعن‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يقذف امرأته وقد كانت زنت وحدت فقال إني رأيتها تزني‏.‏

فقال‏:‏ إذا قذفها برؤية ولم يقذفها بالزنى الذي حدت فيه لاعن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أكذب نفسه وقد قذفها برؤية ولم يقذفها بالزنى الذي حدت فيه أتضربه لها الحد أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا حد عليه وعليه العقوبة‏.‏

قلت‏:‏ فإن قذفها زوجها وقد غصبت نفسها أتلتعن‏؟‏ قال نعم وقال غيره إن كان قذفه إياها برؤية سوى الذي اغتصبت فيه فإنه يلتعن ثم يقال لها ادرئي عن نفسك ما أحق عليك بالتعانه وخذي مخرجك الذي جعله الله لك بأن تشهدي أربع شهادات بالله وتخمسي بالغضب‏.‏

فإن لم يقذف وإنما غصبت ثم استمرت حاملا فنفاه لم يسقط نسب الولد إلا اللعان فإن التعن دفع الولد لأنه قد يمكن أن يكون من وطء الفاسق ولم يكن عليها أن تلتعن للشبهة التي دخلت عليها بالاغتصاب لأنها تقول أنا ممن قد تبين لكم أنه إن لم يكن منه فقد كان من الغاصب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من أبي اللعان من الزوجين أيحده مالك بابائه أم حتى يكذب نفسه‏؟‏

قال‏:‏ إذا أبى اللعان أحد الزوجين أقيم عليه الحد ان كان الرجل أقيم عليه حد القذف وإن كانت المرأة أقيم عليها حد الزنى‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا التعن الرجل فنكلت المرأة عن اللعان أتحدها أم تحبسها حتى تلتعن أو تقر على نفسها بالزنى فتقيم عليها الحد‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك إذا نكلت عن اللعان رجمت لقول الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله‏}‏‏؟‏

قال‏:‏ فإذا تركت المخرج الذي جعله الله لها برد قوله جلدت إن كانت بكرا ورجمت ان كانت ثيبا لأنه أحق عليها الزنى بالتعانة وصدق به قوله حتي صار غير قاذف لها فإن خرجت من صدقه عليها وإلا أقيم عليها الحد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا نكل الرجل عن اللعان أتحده في قول مالك مكانه‏؟‏

قال‏:‏ نعم قال مالك إذا نكل عن اللعان جلدته الحد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان ادعت المرأة أن الزوج قذفها والزوج ينكر فأقامت البينة‏؟‏

قال‏:‏ إذا أقامت البينة جلد الحد إلا أن يدعي رؤية فيلتعن‏.‏

قلت‏:‏ ويقبل قوله إذا ادعى رؤية بعد جحوده القذف‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأنه يقول كنت أريد أن أكتم فأما إذا قامت البينة فأنا ألتعن وقد قال بعض كبار أصحاب مالك أنه يحد ولا يلاعن لأنه لما جحد ثم أقر أو قامت عليه بينة أنه قال قد رأيتها تزني وهو يجحد كان إذا جحد ترك المخرج الذي كان له لأنه لما ثبت أنه قاذف فكان مخرجه اللعان كما قال الله فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله فكانه قال حين جحد أن يكون قال قد رأيتها تزني ثم قال لم أرها فكان مكذبا لنفسه وقع عليه الحد باكذابه نفسه ثم قال أنا صادق فلا يقبل منه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قذف امرأته ثم طلقها فبانت منه وتزوجت إلا زواج ثم رفعته إلى السلطان أيحده أم ماذا يصنع به‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع فيه شيئا إلا أني أرى أن يلتعن لأن القذف إنما كان في موضع اللعان فليس تركها إياه بالذي يوجب عليه الحد ولكنه ان دعى إلى اللعان فلم يلتعن فقد أكذب نفسه فإنما أمرته أن يلتعن لأن اللعان كان حده يوم قذفها وإنما يدفع عنه العذاب إذا لاعن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة هل يلزمها لعان الزوج وقد انقضت عدتها من النكاح الذي قذفها فيه وتزوجت ثم قامت عليه بالقذف‏؟‏

قال‏:‏ نعم تلاعن لأني إذا رأيت عليه اللعان إذا لم تكن تحته فدرأت عنه العذاب لما التعن رجع عليها اللعان فأما أبرت نفسها وأما حدت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته هذا الولد الذي ولدتيه ليس مني فقالت المرأة صدقت ليس هو منك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك والليث لا يلزمه الولد إذا تصادق الزوجان أن الصبي ليس ابنا له ولا ينسب إليه‏.‏

قلت‏:‏ أفتحد الأم‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم تحد‏.‏

قلت‏:‏ وينقطع نسب هذا الصبي بغير لعان من الزوجين‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قالا وقاله مالك غير مرة فيما بلغني‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت تحته قبل أن تلد هذا الولد بعشرين سنة أو أدنى من ذلك مما يلحق به الحمل‏؟‏

قال‏:‏ فهو عندي واحد قال ابن القاسم وسمعت الليث بن سعد يقول مثله قال سحنون وقد قال أكثر الرواة عن مالك أنه لا ينفيه إلا اللعان ولا يخرجه من الفراش المعروف والعصبة والعشيرة إلا اللعان‏.‏

وقد روى ما قال ابن القاسم‏.‏

وأكثر الرواة يرون قول مالك أنه لا ينفي إلا باللعان قال ابن القاسم وقال مالك لا يكون للرجل أن ينفي ولده إذا ولدته امرأته وهو مقيم معها ببلد يرى حملها إلا أن يكون غائبا عن الحمل فيقدم وقد ولدته فله أن ينفيه فإن أقام مقرى به فليس له أن ينفيه بعد ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال وجدت مع امرأتي رجلا في لحافها أو وجدتها وقد تجردت لرجل أو وجدتها وهي مضاجعة رجل في لحافها عريانة مع عريان أيلتعن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنه لا لعان بين الزوج وبين امرأته إلا أن يرميها بالزنى برؤية أو ينفي حملها فإن رماها بالزنى ولم يدع رؤية ولم يرد أن ينفي حملا فعليه الحد لأن هذا مفتر قال سحنون وقد قاله المخزومي وبن دينار وقالا في الحمل ان نفاه ولم يدع استبراء جلد الحد قال ابن القاسم فأرى في مسئلتك إن لم يكن له بينة على ما ذكر من تجردها له ومضاجعتها إياه كما ذكرت رأيت عليه الأدب ولا حد عليه‏؟‏

قال‏:‏ وجل رواة مالك على أن اللعان لا يكون إلا بأحد وجهين إما برؤية لا مسيس بعدها أو بنفي حمل يدعى قبله استبراء وأما قاذف لا يدعى هذا فإنه يحد وقاله بن القاسم أيضاسحنونوق الابن القاسم أيضا غير هذا قال إذا قذف أو نفى حملا لم يكن به مقرى لا عن ولم يسئل عن شيء وقاله معه بن نافع بن وهب عن بن أبي الزناد عن أبيه عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بين العجلاني وامرأته وكانت حبلى وقال زوجها والله ما قربتها منذ عفرنا النخل والعفر أن يسقى النخل بعد أن يترك من السقي بعد الابار بشهرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بين قال فجاءت بغلام أسود وكان الذي رميت به بن السحماء ‏(‏مالك بن أنس‏)‏ عن نافع عن بن عمر أن رجلا لاعن امرأته في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بأمه قال ابن وهب وأخبرني عبد الله بن عمر أنه سأل عبد الرحمن بن القاسم ما يوجب اللعان بين المرأة وزوجها فقال لا يجب اللعان إلا من رؤية أو استبراء بن وهب وأخبرني الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال التلاعن بين الزوجين لا يكون إلا بإنكار الولد فإنه يقول إن شاء ما وطئتها منذ كذا وكذا أو يقول رأيت معها رجلا ففي ذلك التلاعن فإن قال هي زانية ولم أر معها رجلا جلد الحد بن وهب وأخبرني يونس عن ربيعة بذلك بن وهب وأخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه بنحو ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من لاعن امرأته فنفى ولدها عنه ثم قذفها رجل أيضرب لها الحد أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يضرب قاذفها الحد ومن قذف ابنها فقال له يا بن الزانية ضرب الحد أيضا كذلك قال مالك ومن‏؟‏ قال لابنها ليس فلان أباك على وجه المشاتمة ضرب الحد أيضا ‏(‏مالك‏)‏ عن نافع عن بن عمر أنه قال من دعا بن الملاعنة لزينة ضرب الحد قال ابن وهب قال يونس وقال ابن شهاب من نفى ولدها جلد الحد‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن سليمان بن يسار قال من دعاها زانية جلد الحد ‏(‏وقال‏)‏ علي بن أبي طالب من قذف بن ملاعنة جلد الحدابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في الرجل يلاعن امرأته ثم يقذفها بعد ذلك قال يجلد الحد ‏(‏وقاله‏)‏ نافع مولى بن عمر والقاسم بن محمد ذكره بن وهب عنمخرمة بن بكير عن أبيه عنهما‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت ان شهدت الشهود على هذا الذي لاعن أنه قد أقر بابنه بعد اللعان وهو ينكر ذلك‏؟‏

قال‏:‏ يلحق به الولد ويضرب الحد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا لاعنها بولد فنفاه ثم زنت المرأة بعد ذلك فادعى الملاعن ولده أتضربه الحد أم لا‏؟‏ في قول مالك لأنها قد زنت‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذه المسألة بعينها شيئا ولكنه لا حد عليه إذا ادعاه لأنها قد صارت زانية ‏(‏وعن‏)‏ ربيعة في رجل يزعم أنه رأى على امرأته رجلا يسميه باسمه قال يلاعنها ويجلد الحد في الرجل فأما التلاعن فيدفع عن نفسه شيئا لا يعرفه وأما الحد فيكون عليه في تسمية رجل لو لم يسمه لم نضربه الحد وقاله مالك‏.‏

قلت‏:‏ رأيت المرأة إذا ضرب رجل بطنها فألقت جنينها ميتا فانتفي منه الزوج والتعن لمن تكون الغرة‏؟‏

قال‏:‏ للام ومن ورث الجنين مع الأم وهذا مثل ولد الملاعنة إذا مات عن مال ورثته أمه وعصبته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أنكر ولده فنفاه بلعان ثم مات الولد عن مال فادعى الملاعن الولد بعد ما مات‏؟‏

قال‏:‏ لا أدري أسمعته من مالك سماعا أو بلغني عن مالك أنه قال ان كان لولده ولد ضرب الحد ولحق به لأن له نسبا يلحق به قال ابن القاسم وإن لم يكن له ولد فلا يقبل قوله لأنه يتهم بوراثته ويجلد الحد ولا يرثه وقال مالك من أنكر لون ولده فإنه لا يكون في ذلك لعان وإنما هو عرق نزعه بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن أعرابيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان امرأتي ولدت غلاما أسود وأني أنكرته ثم ذكر الحديث‏.‏

وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له هل لك من ابل‏؟‏ قال نعم قال ما ألوانها قال حمر قال هل فيها من أورق قال ان فيها لورقا قال فأنى ترى ذلك جاءها فقال يا رسول الله عرق نزعها قال فلعل هذا عرق نزعه ولم يرخص له في الانتفاء منه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت ان لاعن السلطان بينهما فلما التعن الرجل ماتت المرأة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يرثها‏.‏

قلت‏:‏ فإن التعن الرجل والتعنت المرأة فلما بقي من لعانها مرة أو مرتان ماتت المرأة‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن الزوج وارث ما لم يتم اللعان من المرأة بن وهب عن بن لهيعة عن خالد بن يزيد عن ربيعة أنه قال يرثها ان ماتت وان مات هو لم ترثه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان مات الزوج وبقيت المرأة وقد التعن الزوج ما يقال للمرأة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يقال للمرأة التعني وادرئي العذاب عن نفسك ولا ميراث لك وإن أبيت اللعان وأكذبت نفسك أقيم عليك الحد وكان لك الميراث‏.‏

في لعان الأعمى

قلت‏:‏ أرأيت الأعمى إذا قذف امرأته أيلتعن في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ لم وهو لا يجوز له أن يدعي رؤية أرأيت ان قلت أنه يدعي الاستبراء في الحمل فيجوز له أن يلتعن في الحمل فهل يجوز له أن يلتعن إذا ادعى رؤية قال غيره ليس برؤية ولكن بعلم يدله على المسيس وغيره من أسباب العلم وأما رؤية فلا وكذلك قال هو قال ابن القاسم هو من الأزواج وقد قال الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏والذين يرمون أزواجهم‏}‏ والأعمى عند مالك هو زوج فلا بد من اللعان وهو قول مالك قال ابن وهب قال مالك يجعل ذلك إليه ويحمله في دينه‏.‏

في لعان الأخرس

قلت‏:‏ أرأيت الأخرس هل يلتعن إذا قذف بالاشارة أو بالكتاب‏؟‏

قال‏:‏ نعمان فقه ما يقال له وما يقول ‏(‏وسألته‏)‏ عن الذي يدعى الرؤية في امرأته فيلتعن فتأتي بولد لأدنى من ستة أشهر من يوم ادعى الرؤية‏؟‏

قال‏:‏ الولد ولده لا ينفي بوجه من الوجوه إذا زعم أنه لم يكن استبرأ قبل أن يرى لأن اللعان قد مضى ولانا قد علمنا أنه ابنه لأنه رآها يوم رآها وهي حامل منه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان ادعى الاستبراء حين ولدته لأدنى من ستة أشهر‏؟‏

قال‏:‏ فالولد لا يلحقه ويكون اللعان إذا قال ذلك الذي كان نفيا للولد‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يدع الاستبراء إلا أنه قال لم أزل أطؤها وهذا الولد ليس مني وإنما ألتعن بالرؤية وقد جاءت بالولد لأدنى من ستة أشهر فألحقته بأبيه ألا يثبت أن يكون قاذفا ويجلد الحد‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال حين ولدت بعد الرؤية بخمسة أشهر هذا ليس مني قد كنت استبريت فنفيت الولد وتم اللعان أرأيت ان قال الولد لي ولم أكن استبرأت يومئذ وأنا كاذب في الاستبراء أيلحق به الولد ولا يكون عليه حد لأن اللعان قد كان لرؤية‏؟‏

قال‏:‏ أرى عليه الحد لأنه صار قاذفا لأن اللعان الذي كان لما ادعى الاستبراء إنما كان بعد ما وضعته فقد كان نفيا للولد فلما استلحقه وأكذب نفسه في الاستبراء صار قاذفا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المرأة يشهد عليها أربعة بالزنى أحدهم زوجها‏؟‏

قال‏:‏ يلاعن الزوج ويجلد الثلاثة بن وهب عن يونس عن أبي الزناد في المرأة يشهد عليها أربعة بالزنى أحدهم زوجها قال أبو الزناد القاذف كان زوجا أو غيره يأتي بأربعة شهداء أو يلاعن الزوج ها هنا ويجلد الآخرون قال يونس وقال ابن شهاب لا ترجم ولا ترى زوجها تجوز شهادته عليها من أجل ان الله تبارك وتعالى رد شهادته عنها بالملاعنة ونرى أن يجلد الثلاثة إذا ردت شهادة الزوج حد الفرية ثمانين جلدة ونرى أن يلاعنها زوجها فإن نكص عن ملاعنتها جلد الحد وان لاعنها فرق بينها وبينه قال ابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن بن عباس وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد وبن قسيط بمثله ‏(‏وقال‏)‏ بن عباس يلاعن الزوج ويجلد الآخرون ‏(‏وقال‏)‏ ابراهيم النخعي مثله وقال ابن شهاب في رجل قذف امرأته وجاء بثلاثة يلاعن الزوج ويجلد الثلاثة ثم ان جاء برجلين يشهدان قال يجلدان‏.‏

في ترك رفع اللعان إلى السلطان

قلت‏:‏ أرأيت ان قذف رجل امرأته فلم ترفعه إلى السلطان أيكون على الزوج شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا شيء على الزوج‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك سمعت مالكا يقول فيها‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في رجل قذف رجلا فلم يرفعه المقذوف إلى السلطان فلا شيء على القاذف‏.‏

في لعان المرأة البكر لم يدخل بها جاءت بولد

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة فلم يبن بها ولم يجتلها حتى جاءت بولد فأنكره الزوج أيلاعن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يلاعن إذا دعت أنه منه وانه كان يغشاها وكان ما قالت يمكن وجاءت بالولد لستة أشهر فأكثر من يوم تزوجها ولها نصف الصداق ولا سكنى عليه ولا متعة‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك ان طلقها قبل البناء بها فجاءت بولد لمثل ما تلد له النساء أيلزم الزوج الولد أم لا‏؟‏ وهل له أن يلاعن‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يلزمه الولد إلا أن يلاعن فإن لاعنها لم يلزمه الولد وهذا إذا كان ما ادعت به من اتيانه إليها يمكن فيما قالت قبل أن يطلقها بن وهب عن يونس أنه سأل بن شهاب عن رجل تزوج بكرا فلم يجمعها إليه حتى حملت فقالت هو من زوجي وكان يغشاني في أهلي سرا فسئل زوجها فقال لم أغشها وأني من ولدها لبريء‏؟‏

قال‏:‏ سنتها سنة المتلاعنين ولا تنكح حتى تضع حملها ثم لا يجتمعان أبدا ولدها يدعى إلى أمه ومن قذفها جلد الحد قال ابن وهب قال يونس وقال ربيعة إذا تكلمت بذلك وعرف ذلك منها لاعنها وان مضت سنون وقاله يحيى بن سعيد وبن قسيط انه يلاعنها ان تمت نكرته‏.‏

في نفقة الملاعنة وسكناها

قلت‏:‏ أرأيت هذا الذي لاعن امرأته وانتفى من حملها فولدت ولدا ثم ادعاه الزوج بعد ما ولدته فجلدته الحد وألحقت به الولد أيجعل لها على الزوج نفقة الحمل إذا طلبت ذلك المرأة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن ينظر إلى حال الزوج يومئذ حين كانت المرأة حاملا فإن كان الزوج يومئذ موسرا ألزمته النفقة لها وان كان يومئذ معسرا فلا نفقة لها‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان في بعض الحمل موسرا وفي بعض الحمل معسرا‏؟‏

قال‏:‏ يلزمه من النفقة بقدر ما كان فيه موسرا ويسقط عنه من النفقة بقدر ما كان معسرا وإنما قلته على قول مالك في الرجل يطلق امرأته البتة وهي حامل ان عليه النفقة ان كان موسرا وان لم يكن موسرا فلا نفقة عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الملاعنة أيكون لها السكنى وهي بمنزلة المبتوتة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك للملاعنة السكنى قال مالك ولا متعة لها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كانت هذه الملاعنة غير مدخول بها ولم يسم لها صداقا فالتعن أيكون عليه المتعة والسكنى‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يكون للملاعنة مدخولا بها أو غير مدخول بها سمي لها صداقا أو لم يسم لها صداقا لا يكون لها المتعة على حال من الحالات‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الملاعنة لم جعل مالك لها السكنى وهو لا يلحقه منها الولد‏؟‏

قال‏:‏ لأنها في عدة منه وهي مبتوتة منه فلا بد من أن يكون لها السكنى ألا ترى أنه لا يحل لها أن تنكح حتى تنقضي عدتها‏.‏

في ملاعنة الحائض

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يقذف امرأته أو ينتفي من ولدها ويدعي الاستبراء وهي في دم نفاسها أو حائض‏؟‏

قال‏:‏ لا أحفظ قول مالك فيه ولا يلاعن السلطان بينهما حتى تطهر إلا أني سمعت منه في الذي لا يجد ما ينفق ويضرب له أجل فيأتي الاجل وهي حائض أنه لا يطلق عليه حتى تطهر وفي الذي لا يقدر على مسيس امرأته في قول مالك كذلك إلا المولى وحده فإني سمعت ويضرب له أجل فيأتي الاجل وهي حائض أنه لا يطلق عليه حتى تطهر ملكا غير مرة وأخبرني عنه غير واحد من أصحابنا قديما أنه قال إذا أوقفه السلطان وهي حائض فلم يفيء طلق عليه ‏(‏وقد روى‏)‏ أشهب عن مالك أنه لا يطلق عليه في الحيض‏.‏

متعة الملاعنة

قلت‏:‏ ولم قلتم في الملاعنة أنه لا متاع لها وليست كالمختلعة لأنها لا تعطي الزوج شيئا‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنه قال لي لا متاع للملاعنة قال ابن القاسم إلا أن الذي يقع في قلبي لأن الفراق جاء من قبلها حين أنكرت ما قال الزوج فلما وقع اللعان بينهما والتعنت وقعت الفرقة ولم يكن لها متاع لأن الفراق لم يكن من قبل الزوج‏.‏

كتاب الاستبراء

في استبراء الأمة المستحاضة

قلت‏:‏ لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أن رجلا اشترى أمة مستحاضة يعلم بذلك بكم يستبرئها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ يستبرئها بثلاثة أشهر إلا أن لا يبرئها ذلك ويشك فيرفع بها إلى تسعة أشهر‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك وهذه والتي رفعتها حيضتها بمنزلة واحدة قال ابن القاسم لان استبراءها عنده إنما كان حيضة فلما رفعت هذه حيضتها واستحيضت هذه كانتا عنده بمنزلة واحدة لا حيضة لهما إلا أن مالكا قال في العدة من طلاق أو موت في المستحاضة إذا جاءها دم لا تشك ولا يشك النساء أنه دم حيضة للونه وتغيره بمعرفة النساء به رأيته قرءا وتكف عن الصلاة فهذه الأمة المشتراة المستحاضة كذلك إذا جاء منها في دمها دم لا تشك ولا يشك النساء أنه دم حيضة رأيت ذلك استبراء وتحل لسيدها مثل ما قال مالك في العدة‏؟‏

قال‏:‏ وإنما جعل مالك المستحاضة في الاستبراء بمنزلة التي ترفعها حيضتها إذا لم تعرف النساء ولا هي حيضتها فإذا عرفت كانت كما وصفت لك بن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في الأمة العذراء أو غيرها حاضت أو لم تحض أو قعدت قال ربيعة ينتظر بها ثلاثة أشهر لا تعلم براءتها إلا براءة الحرة ها هنا‏؟‏

قال‏:‏ يحيى بن سعيد فالتي تباع منهن تعتد بثلاثة أشهر إلا أن تحيض حيضة من الاماء اللائي لم يحضن‏.‏

في استبراء المغتصبة والمكاتبة

قلت‏:‏ أرأيت ان كان غصبها منه رجل فردها عليه أعليه أن يستبرئها في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن كاتب أمته ثم عجزت أعليه أن يستبرئها‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأحب إلي أن يستبرئها لأنها قد حرم عليه فرجها وقد أطلقها تدور ولو كانت في يديه لا تخرج لم يكن عليه استبراء‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن رجلا غصب جارية أجنبية فوطئها ثم اشتراها أيكون عليه الاستبراء بعد الشراء‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن غصبها رجل فردها علي أيجب علي أن أستبرئها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ إذا غاب عليها الذي غصبها وجب عليك الاستبراء‏؟‏

قال‏:‏ لأن مالكا قال لي في الرجل يبتاع الجارية الحرة فينقلب بها ويغلق عليها بابه فتستحق أنها حرة فتقوم على ذلك البينة فيقر بأنه لم يمسها وتقر المرأة بأنه لم يمسها‏؟‏

قال‏:‏ ما أرى أن تتزوج حتى يستبرئ رحمها بثلاث حيض لأنه قد أغلق عليها بابه وخلا بها‏؟‏

قال‏:‏ فقيل لمالك فإن كان وطئها أترى عليه في وطئها شيئا حين خرجت حرة صداقا أو غيره‏؟‏

قال‏:‏ لا لأنه وطئها وهي عنده ملك له قال مالك وإن كان وطئها وهو يعلم أنها حرة رأيت أن يقام عليه الحد‏.‏

قلت‏:‏ أفيجب عليه الصداق مع الحد في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

في استبراء الأمة يسبيها العدو

قلت‏:‏ أرأيت ان سبي العدو جارية أو مدبرة أو أم ولد أو حرة فرجعن إلي أيكون علي الاستبراء في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم عليك الاستبراء‏.‏

قلت‏:‏ فبكم تستبرئهن فقال‏)‏ الحرة بثلاث حيض والأمة والمدبرة وأم الولد بحيضة حيضة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن قلن أنا لم نوطأ‏؟‏

قال‏:‏ لا يصدقهن وعليهن الاستبراء لأن أهل الحرب قبضوهن على وجه الملك لهن لا على وجه الوديعة فالاستبراء لازم‏.‏

في استبراء المرهونة والموهوبة

قلت‏:‏ أرأيت ان رهنت جارية فافتككتها أيكون علي أن أستبرئها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيها شيئا ولا يكون على سيدها استبراء لأنها بمنزلة ما لو استودعتها رجلا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت لرجل جارية فغاب عليها ثم ارتجعتها أيكون علي أن أستبرئها في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ولا يكون هذا مثل البيع‏؟‏

قال‏:‏ لا لأن هذا حين غاب عليها غاب وهو حائز لها فعلى الذي وهب إذا ارتجع أن يستبرئ لنفسه وفي البيع يتواضعانها فإذا رجعت إليه قبل أن تدخل في الحيضة ويذهب عظم حيضتها فلا استبراء على البائع إذا رجعت إليه وان كان في البيع قد قبضها المشتري وحازها لنفسه ليس على المواضعة عنده ولكن على الحيازة لنفسه فعلى البائع أن استقالة أن يستبرئها وإن كان ذلك بعد يوم إذا غاب عليها فكذلك الهبة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان وهبت لابن لي صغير في عيالي جارية أو لابن لي كبير وهو في عيالي فارتجعت هبتي اعتصرتها أعلي استبراء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ الصغير والكبير بمنزلة واحدة إن كانتا في يدي الأب لم تكونا تخرجان فلا استبراء عليه وإن كانتا تخرجان أو قبضها الكبير وغاب عليها فالاستبراء عليها فان وطئها الابن فلا اعتصار للاب فيها‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك قال مالك ليس له اعتصار‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك لو أن رجلا استودع رجلا جارية فحاضت عند المستودع ثم اشتراها المستودع أجزتها تلك الحيضة من الاستبراء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان اشتريت جارية أو وهبت لي أو تصدق بها علي أو صارت لي من مغنم أو من غيره أو أوصى لي بها أو ورثتها أو صارت لي بوجه من الوجوه أيجب علي أن أستبرئها في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

في استبراء الأمة تباع فتحيض عند البائع قبل أن يقبضها المتباع

قلت‏:‏ أرأيت ان اشتريت جارية فمنعني صاحبها من أن أقبضها حتى أدفع إليه الثمن فحاضت عند البائع بعد اشترائي إياها قبل أن أقبضها ثم دفعت إليه الثمن وقبضت الجارية أتجزئني تلك الحيضة من الاستبراء في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ إن أخذها في أول حيضتها أجزأه ذلك وان كانت في آخر حيضتها أو بعد ان طهرت لم يجزه ذلك حتى تحيض حيضة مستقبلة وعلى البائع المواضعة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان لم يمنعه القبض فلم يقبضها المشتري حتى حاضت عند البائع أتجزىء المشتري هذه الحيضة من الاستبراء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ إن كان المشتري لم يسأله القبض والبائع لم يمنعه ألا أن المشتري ذهب ليأتي بالثمن فأبطأ عن القبض حتى حاضت الجارية عند البائع ثم جاء ليقبضها فإن كانت من وخش الرقيق فأرى أن يستبرئها بحيضة مستقبلة وإن كانت من علية الرقيق رأيت أن يتواضعاها وكذلك ان كان البائع منعها من المشتري حتى يقبض الثمن فحاضت عند البائع فإن كانت من علية الرقيق تواضعاها وإن كانت من وخش الرقيق قبضها المشتري وكان عليه أن يستبرئها بحيضة مستقبلة إلا أن يكون أمكنه منها وتركها عنده فإن حيضتها استبراء للمشتري لأن ضمانها كان منه ولأن استيداعه أتاها بمنزلة أن لو وضعها عند غيره‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من اشترى جارية وهي حائض أتجزئه تلك الحيضة في قول مالك من الاستبراء‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ان كانت في أول حيضتها أجزأه ذلك من الاستبراء وان كانت في آخر الحيضة لم يجزه مثل اليوم وما أشبهه وإن كانت قد أتت على آخر حيضتها استقبلت حيضة أخرى‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كانت هذه الأمة المشتراة قد حاضت عند بائعها فلما اشتريتها رأت الدم عندي يوما أو يومين بعد خمسة أيام من حيضتها التي حاضتها عند البائع أيكون هذا استبراء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون هذا استبراء‏.‏

قلت‏:‏ وتدع الصلاة‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ولا تجعله استبراء‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون الدم الذي تراه استبراء حتى يكون بين الدمين من الايام ما يعلم ان الدم الثاني حيض كانت به حائضا‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم تر هذا الدم الثاني الذي يعلم أنه حيض مستقبل إلا يوماء واحدا ثم انقطع عنها أتجعله حيضا وتجزئها من الاستبراء‏؟‏

قال‏:‏ تسئل النساء عن ذلك فإن قلن ان الدم يوما أو بعض يوم يكون حيضا كان هذا استبراء وإلا فلا أراه استبراء حتى تقيم في الدم ما تعرف وتستيقن أنه استبراء لرحمها ولا يكون هذا الدم استبراء إن لم أجعله حيضة تامة وإن كنت أمنعها من الصلاة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ما بين الدمين من الطهر كيف يعرف عدد ما بين الدمين حتى يجعل الدم الثاني حيضا‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك الثلاثة الأيام والأربعة والخمسة إذا طهرت فيهن ثم رأت الدم بعد ذلك ان ذلك من الحيضة الأولى‏؟‏

قال‏:‏ وما قرب من الحيضة فهو كذلك‏؟‏

قال‏:‏ وسألنا مالكا عن امرأة طلقت فقالت قد حضت في الشهر ثلاث حيض‏؟‏

قال‏:‏ يسئل النساء عن ذلك فإن كن يحضن كذلك ويطهرن صدقت وإلا فلا ويسئل النساء عن عدد أيام الطهر فإن قلن إن هذه الأيام تكون طهرا فيما بين الحيضتين وجاء هذه الأمة بعد هذه الأيام من الدم ما يقول النساء أنه دم حيضة ولا يشككن أنها حيضة أجزأه ذلك من الاستبراء وإلا فلا‏.‏

في استبراء الجارية تباع ثم يستقيله البائع

قلت‏:‏ أرأيت الجارية يشتريها الرجل فيقبضها ثم يستقيله البائع قبل أن يفترقا أيجب على البائع أن يستبرئ في قول مالك أم لا‏؟‏ فقال‏:‏ لا لأنهما لم يفترقا ولم يغب على الجارية‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن انقلبت بها ثم استقالنى‏؟‏

قال‏:‏ إن كان لم يكن في مثل ما غاب عليها المشتري أن تحيض فيه لأنها لم تقم عنده قدر ما يكون في مثله الاستبراء فليس على المشتري مواضعة لأنها لو هلكت في مثل ذلك كانت من البائع ولا يطؤها البائع حتى يستبرئ لنفسه وإن كانت من وخش الرقيق فهلاكها من المشتري إذا كان البائع لم يضعها عند المشتري على وجه الاستبراء وإنما وضعها على وجه الشراء وحازها لنفسه فالمشتري لم يستبرئ فتحل له فهي وإن لم تحل له حتى ردها إلى البائع فلا يطؤها البائع أيضا حتى يستبرئها لنفسه احتياطا لأنه قد دفعها للمشتري وغاب عليها إلا أن يكون دفعها إلى المشتري وائتمنه البائع على الاستبراء فلا يكون على البائع استبراء لنفسه إذا ارتجعها قبل أن تحيض عظم حيضتها وإن كان إنما دفعها البائع إلى المشتري قبضا لنفسه فقد وصفت لك ذلك ولو وضعاها على يدي رجل أو امرأة للاستبراء أكان على البائع إذا استقاله ورجعت إليه فيها استبراء وإن طال مكثها في الموضع الذي تواضعاها فيه للاستبراء إذا لم تحض فإذا كانت قد حاضت في الموضع الذي جعلاها فيه للاستبراء وخرجت من الحيضة فقد حلت للمشتري فإن استقالة البائع بعد هذا فعليه الاستبراء لأنها قد حلت للمشتري قبل أن يستقيله وصارت عليه العهدة ووجبت عليه المواضعة وكان المشتري إنما هو تارك لها في موضعها فلم يكن للمستقيل بد من الاستبراء إلا أن يستقيل البائع المشتري والجارية في أول دمها أو في عظم دمها فإذا فعل لم يكن عليه استبراء إلا أن يستقيل في آخر دمها فيكون عليه الاستبراء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان استقالة في آخر دمها‏؟‏

قال‏:‏ فعلى البائع المستقيل أن يستبرئ لنفسه وله المواضعة على المقيل‏.‏

قلت‏:‏ ولم وهي لم تحل للمشتري حتى تخرج من دمها‏؟‏

قال‏:‏ لأنها إذا دخلت في الدم من أول ما تدخل في الدم فمصيبتها من المشتري وقد حل للمشتري أن يقبل وأن يصنع بها ما يصنع الرجل بجاريته إذا حاضت وان أقال المشتري البائع في أول الدم أو في عظمة رأيته بمنزلة رجل اشترى جارية في آخر دمها أو في عظمه وان أقاله في آخر دمها كان بمنزلة رجل اشترى جارية في آخر دمها فلا تجزئها تلك الحيضة‏.‏

قلت‏:‏ لم أمرت البائع حين استقاله في آخر دمها أن يستبرئ والمشتري لم يحل له وطؤها‏؟‏

قال‏:‏ لأن الجارية قد تحمل في آخر الدم إذا وطئت فيه فلا أدري ما أحدثت الجارية وهي لو اشتريت في هذه الحال لم تجزئ من استبرائها هذه الحيضة فإنما تحمل هذه محمل الاستبراء الحادث‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الذي يشتري الجارية في آخر دمها أنه لا يجزئه من الاستبراء وعليه أن يستبرئ استبراء آخر وله المواضعة وعهدته قائمة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عقبة بن نافع المعافري عن يحيى بن سعيد أنه قال في الرجل يشتري الجارية وهي حائض هل تبرئها تلك الحيضة قال يحيى أدركنا الناس وهو أمرهم إلى اليوم أن الوليدة إذا اشتريت فإنما يبرئها ويسلم للذي اشتراها إذا حاضت حيضة واحدة مخرمة بن بكير عن أبيه بكير قال يقال أيما رجل ابتاع وليدة تحيض فوضعت على يدي رجل حتى تحيض حيضة فماتت فهي من صاحبها حتى تحيض وكل عهدة على ذلك قال بكير ويقال أيما رجل ابتاع وليدة فأراد أن يخاصم فيها لم يصلح له أن يطأها وفي نفسه خصومة صاحبها فيها بن لهيعة عن بن أبي جعفر عن زيد بن إسحاق الانصاري أن عمر بن الخطاب قضى في جارية وضعت على يدي رجل حتى تحيض فماتت بأنها من البائع بن وهب قال يونس قال ابن شهاب مثله قال ابن شهاب وإن كانت قد حاضت فهي من المبتاع بن وهب عن يونس عنابن شهاب أنه قال في رجل اشترى من آخر وليدة فدعاه إلى ثمنها فقال سوف فماتت الوليدة عند البائع‏؟‏

قال‏:‏ ان كانت الوليدة ماتت في العهدة قبل أن تحيض فهي من البائع وإن كانت حاضت فهي من المبتاع وان وضعاها على يدي عدل فهي كذلك أيضا‏.‏

في استبراء الجارية يباع شقص منها

قلت‏:‏ أرأيت إن بعت شقصا من جاريتي أيأمرنا مالك أن نتواضعها للاستبراء ان كانت من علية الرقيق‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان بعت شقصا منها ثم استقلته فأقالني بعد ما تواضعناها وحاضت أو كانت من وخش الرقيق فبعته شقصا منها فاستقلته بعد ما أمكنته منها أيجب علي الاستبراء‏؟‏

قال‏:‏ نعم يجب عليك فيها الاستبراء لأنها قد حرمت على البائع حين حاضت وله على المقيل المواضعة لأن الضمان قد كان وجب عليه وبرئ منه البائع الأول فلما استقاله كان بمنزلة ما لو اشتراها من المشتري أجنبي من الناس فله المواضعة فكذلك يكون للمستقيل على المقيل وإن كانت من وخش الرقيق فلا يطأها حتى يستبرئ لأن المشتري قد غاب عليها إذ كان قابضا لها وأخذها على القبض وهي لو أصيبت كانت من المشتري فكأن المستقيل أجنبي من الناس اشتراها من المشتري الذي قبضها على الإيجاب فلذلك صار ضمانها منه وأنهاإذا كانت من وخش الرقيق يجوز بيعها بالبراءة من الحمل وأنه لا يبقى فيها من الخطر ما يبقى في التي تباع على المواضعة وللسنة فيه‏.‏

في استبراء أم الولد والمدبرة إذا بيعتا

قلت‏:‏ أرأيت رجلا باع أم ولده أو مدبرته فقبضها المشتري أيكون على البائع إذا ردت إليه الاستبراء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم عليه الاستبراء إذا كان قد دفعها على الحيازة ولم يتواضعاها للاستبراء‏.‏

في استبراء الجارية يشتريها الرجل

قلت‏:‏ أرأيت ان اشترى رجل من عبد له تاجر جارية أيجب عليه الاستبراء‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى عليه الاستبراء‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك ان انتزعها السيد كان عليه الاستبراء‏؟‏

قال‏:‏ نعم ويكون هذا مثل البيع‏.‏

في استبراء الأمة تباع بالخيار ثم ترد

قلت‏:‏ أرأيت لو أني بعت جارية لي على أني بالخيار ثلاثا أو على أن المشتري بالخيار ثلاثا فتواضعناها وهي من علية الرقيق أو كانت من وخش الرقيق فدفعتها إليه فاختار الرد أو اخترت الرد أيكون على البائع إذا رجعت إليه استبراء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا لأن ملكه عليها ولأن مصيبتها منه لأن البيع لم يكن يتم فيها فإن أحب أن يستبرئ إذا غاب المشتري عليها وكان الخيار له فهو حسن لأن المشتري قد كان لو وطئها وإن كان لا يجوز له ذلك كان ذلك رضا منه واختيارا فقد خلا بها وقد كان له ما أعلمتك ألا ترى أن المغصوبة أحب لسيدها أن لا يمس حتى يستبرئ لأن الغاصب لا يؤمن إذا غاب عليها‏.‏

في استبراء الجارية ترد بالعيب

قلت‏:‏ أرأيت ان اشترى جارية فردها من عيب هل يكون على البائع استبراء‏؟‏

قال‏:‏ نعم عليه الاستبراء إذا كانت قد خرجت من الحيضة وضمانها من المشتري وإن لم تكن خرجت من الحيضة فلا استبراء عليه قال سحنون يريد أن لا مواضعة على الذي يرد بالعيب للبائع لأنها لو هلكت قبل أن تحيض كانت المصيبة فيها من البائع وقال أشهب لا يكون على الذي رد بالعيب مواضعة خرجت من الحيضة أو لم تخرج لأن الرد بالعيب نقض بيع وليس هو بيعا مبتدأ‏.‏

ما ينقضي به الاستبراء

قلت‏:‏ أرأيت ان اشتريت أمة حاملا فأسقطت سقطا لم يتم خلقه أينقضي به الاستبراء‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك كل ما ألقته المرأة الحرة من دم أو مضغة أو شيء مما يستيقن النساء أنه ولد‏.‏

أو أم ولد ألقت ذلك فإن الحرة تنقضي به عدتها وتكون الأمة به أم ولد فكذلك الاستبراء عندي مثله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قالت الأمة قد أسقطت أيصدقها سيدها أم لا‏؟‏ قال‏:‏ السقط لا يكاد يخفي دمه وينظر إليها النساء فإن كان بها من ذلك ما يعلم أنها قد أسقطت أجزأه ذلك إذا طهرت وإن لم يكن بها من الدم ما يعلم النساء أنها قد أسقطت لم تصدق‏.‏

في مواضعة الحامل

قلت‏:‏ أرأيت ان اشتريت أمة حاملا أن تواضعها حتى تلد في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك إذا كانت حاملا فلا يتواضعانها وليقبضها ولينقد ثمنها ولا يطأها المشتري حتى تضع ما في بطنها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قالت الأمة قد أسقطت منذ عشرة أيام وانقطع الدم عني‏؟‏

قال‏:‏ لا تصدق الأمة‏.‏

قلت‏:‏ وكيف يصنع بها سيدها‏؟‏

قال‏:‏ لا يطؤها حتى تحيض حيضة‏.‏

قلت‏:‏ فقد رجعت هذه الأمة إلى حال ما لا يجوز النقد فيها ولا بد أن يتواضعاها إذا كان استبراؤها بالحيض‏؟‏

قال‏:‏ إذا باعها البائع والحمل بها ظاهر لم يستطع هذا المشتري ارتجاع الثمن ولا يتواضعانها لأن البائع يقول للمشتري أما أنا فقد بعتك حاملا فلا أدري ما صار إليه الحمل وقد بعتك ما يجوز فيه النقد وقد انتقدت ويقال للمشتري استبرىء لنفسك بحيضة مستقبلة‏؟‏

قال‏:‏ وان كان حين باعها البائع لم يكن حملها بينا عند الناس رأيت البيع فاسدا ان كانت من الجواري المرتفعات جواري الوطء لأنه ان كان تبرأ من الحمل فلا يجوز أن يبيعها ويتبرأ من الحمل وان كان باعها على أنها حامل بأمر لا يستيقن ولا تعرفه النساء فإنما هو رجل باعها على أنها ان كانت حاملا فأنا بريء من الحمل فهذا لا يجوز في المرتفعات فأرى أن يفسخ البيع بينهما وهو قول مالك لا يجوز‏.‏

وفي هذا البيع أيضا وجه آخر انه اشترط النقد في الجواري المرتفعات وهن لا بد من المواضعة فيهن للاستبراء وان كانت من وحش الرقيق جاز ذلك فيما بينهما ويقال للمشتري استبرىء لنفسك بحيضة مستقبلة لان وخش الرقيق يجوز فيهن عند البيع البراءة من الحمل ويستبرئ المشتري لنفسه ويجوز أن يشترط البائع فيها النقد فإن كانت حاملا لم يستطع ردها لان البائع قد تبرأ من الحمل‏؟‏

قال‏:‏ وان كانت مرتفعة وكانت بينة الحمل جاز النقد وجاز تبري البائع من الحمل ولا تصدق الأمة على أنها أسقطت إلا أن يكون ذلك معروفا عند النساء كما وصفت لك خوفا من أن يكون كان ريحا فانفش وليس على البائع في بيعه عيب لأنه قد باع حملا ظاهرا تعرفه النساء ويشهدن عليه ولم يرد وجه براءة من حمل ان كان بها ولا مخاطرة ولا استبراء للمشتري على البائع وليستبرىء المشتري لنفسه لأن البائع باع على الحمل بيعا صحيحا‏.‏

قلت‏:‏ ما بال الحرائر يصدقن على انقضاء العدة ويصدقن في الحيض وفي أنهن قد أسقطن ولا تصدق الأمة في الحيض في الاستبراء ولا في السقط‏؟‏

قال‏:‏ لأن الحرائر لا ينظر إليهن وشأنهن أن يصدقن على أنفسهن وتؤخذ أمانتهن في ذلك والأمة لا تصدق في نفسها إذا دعت الحيضة حتى ترى حيضتها ولمشتريها أن يريها النساء فينظرن إليها إذا زعمت أنها حائض سحنون لأنها عهدة لا تسقط عن البائع والضمان لازم على البائع لا يسقط بقول الجارية إلا بالبينة التي تجوز في مثله أو تبرئة المشتري مما له أوقفت وليس لزوج المرأة إذا طلقها فزعمت أنها قد حاضت أن يريها أحدا فهذا فرق ما بينهما قال سحنون ولأن الله تبارك وتعالى جعل ذلك إليهن فيما يذكر أهل العلم فقال تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن‏}‏ وهو الحيضة والحمل وقد بينا هذا في غير هذا الموضع‏.‏

في مواضعة الأمة على يدي المشتري

قلت‏:‏ أرأيت لو أني اشتريت جارية من علية الرقيق فأئتمنني البائع على استبرائها ووضعها عندي أيجوز هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ كان مالك يكره ذلك ويرى المواضعة على يدي النساء أحب إليه قال ابن القاسم فإن فعلا هذا وجهلا أن يضعاها على يدي النساء حتى تحيض رأيت ذلك مجزئا عنهما ورأيتها من البائع حتى تدخل في أول دمها لأن البائع أئتمنه على ذلك ورضي بقوله في ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أكان مالك يأمر بالجارية إذا أراد أن يتواضعاها للاستبراء أن يضعاها على يدي امرأة ولا يضعاها على يدي رجل‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك الشأن أن يضعاها على يدي امرأة فإن وضعاها على يدي رجل له أهل ينظرون إليها وتوضع على يديه لمكانهم أجزأه ذلك ووجه ذلك ما وصفت لك في النساء قال مالك ولو أن جارية عند رجل وديعة حاضت عنده حيضة ثم اشتراها أجزأته تلك الحيضة التي حاضت عنده من الاستبراء إذا كانت لا تخرج‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان اشتريت جارية فقال البائع أنا أرضى أن تكون عندك أيها المشتري حتى تستبرئها‏؟‏

قال‏:‏ غيره أحب إلي منه وإن فعلا أجزأهما‏.‏